الدكتورة نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع :
التنمر والخجل وصعوبة التعلم أسباب تجعل طفلك يرفض الذهاب للمدرسة
- نسبة الخسائر المترتبة على حدوث التنمر فادحة
- يجب أن يتم توزيع القوة داخل الأسرة بشكل متكافئ
- من المهم القضاء على النماذج المشوهة في المنزل
"القاهرة" – "بريق الدانة" - هايدي فاروق:
تشكو بعض الأمهات من الصعوبة في إقناع أولادها للذهاب للمدرسة أو الحضانة وقد يتحجج بعض الأطفال بالإعياء هربا من الذهاب وقد تطرأ هذه الحالة فجأة ودون مقدمات بعد أيام قليلة من بدء الدراسة ، وبالتالي فان الأمهات تضغط على الأطفال دون معرفة سبب العزوف عن المشاركة ، وتبدأ الأمهات في الشكوى والقلق وبعضهن يعاملن الأطفال بقسوة وعنف ليجبرهم على الذهاب .
الدكتورة نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان أشارت في حديثها معنا أن كثير من الأمهات يجهلن سبب عزوف أطفالهن عن الذهاب للمدرسة ويعتقدن أن الأمر مجرد( دلع) لكن الأمر قد يكون أكثر من ذلك وينبئ بان الطفل قد يكون متعرضا لتنمر شديد يجعله مصابا بالقلق بشكل مستمر، كما يفضل العزلة ويرفض القيام بأي نشاط بالمنزل وتوضح رضوان أنه يمكن ملاحظة بعض النقاط التي تشير إلى أن الطفل يمر بحالة صحية ونفسية سيئة ومنها أن يصبح الطفل متقلب المزاج على مدار اليوم، دون سبب واضح ويراجع الطفل حديثه بعد النطق به، لكي يتأكد أنه لم يخطئ بحديثه مع الآخرين ، ويرفض الطفل الجلوس إلى المائدة مع الأسرة.

وقد يرى الطفل أحلاماً وكوابيس مزعجة، ويستيقظ مفزوعا من نومه وتوضح رضوان أن على الأم أن تلجأ لاستشاري نفسي عندما تلاحظ على طفلها هذه المؤشرات وقد يتطلب الأمر العرض على طبيب الأطفال، فالعديد من الأطفال يكون لديهم أعراض جسدية إضافة إلى الأعراض العاطفية. فمن المهم التأكد من أن هذه الأعراض وما يصاحبها من قلق واكتئاب ليست مرتبطة بمرض ما أو ناجمة عن سبب عضوي آخر.
الخطوة التالية هي التحدث مع الطفل ومعرفة سبب عزوفه وعليها أن تشجعه للحديث عن من يضايقه دون خوف ولا تلومه حتى ولو كان مخطئ قبل أن تسمع منه وعليها أن تتحدث معه بهدوء وتشجعه على الابتعاد عن المتنمرين الذين يتسببوا له في المضايقات وعلى الأم أن تكون متواصلة جيدا مع هيئة التدريس في المدرسة ومع مدرسة الباص لان في اغلب الأحيان يتعرض الطفل للتنمر داخل بص المدرسة وعند العودة من الطلبة الأكبر منه سنا .
تتعدد أشكال التنمر التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال مابين تنمر بدني ولفظي وتكنولوجي واجتماعي ونفسي .
التنمر البدني: الضرب، أو اللكم، أو سرقة الأغراض الخاصة وإتلافها.
تنمر لفظي: السب والشتم، أو الإهانة الشخصية وإطلاق الألقاب.
تنمر نفسي مثل: النظرات السيئة، والتلاعب بمشاعر الفرد وإرباكه نفسيًا، وكذلك التربص.
هناك أيضا التنمر التكنولوجي حيث يتيح العالم التكنولوجي الآن سهولة الوصول لأي شخص على المواقع المختلفة، كما يتيح استخدام حسابات مزيفة والتواصل مع أي شخص من خلالها. يمكن استغلال ذلك من قبل الأطفال في إرسال رسائل مسيئة ومهينة لهم أو إرسال تعليقات سيئة لهم
وأضافت رضوان " أن نسبة الخسائر المترتبة على حدوث التنمر فادحة، فمهما حاولت الأسر بناء وتقوية ودعم طفلها هناك شخص آخر يقابله الطفل في المدرسة يقوم بهدم كل ما تبنيه الأسرة
وأكدت رضوان أنه لا يجب تربية الطفل في منزل يكون به الأب مهيمن على الأم وأن يقوم بتعنيفها بسبب شخصيتها الضعيفة، أو العكس أي أن تكون الأم هي التي تكون صاحبة الشخصية القوية في المنزل وتلغى شخصية الأب، إذ إن هذا النوع من النماذج تشوه تعامل الأطفال مع الحياة وتولد التنمر.

وأضافت "يجب القضاء على هذه النماذج المشوهة في المنزل وأن يتم توزيع القوة داخل الأسرة بشكل متكافئ، فهذه هي النقطة الأساسية لعلاج التنمر بصورة ناجحة والوقاية منه بشكل دائم من جذوره".
وأوضحت رضوان أن عزوف الطفل قد لا يكون مرتبطا فقط بالتنمر لكن من الممكن أن يكون السبب هو مشاكل في الدراسة صعوبة في التعلم فعندما لا يستطيع الطفل أداء فروضة المدرسية يكره المدرسة ولا يريد أن يذهب إليها
أيضا الطفل الخجول الانطوائي هو طفل محب للعزلة ويجب على الأم أن لا تترك طفلها وحيدا فهي الأعلم بطباعه وعليها تشجعيه لعقد صداقات يمكنه من خلالها ممارسة نشاطات مسلية خارج المدرسة، أي مشاهدة التلفزيون أو اللعب بألعاب الفيديو كما أن على الأم أن تدرك أن بعض الأطفال يخافون من الانفصال عن الأم باعتبارها مصدر الأمان والقوة ومن الممكن أن ترافق الأمهات الطفل في الأيام الأولى للمدرسة حتى يعتاد على الأجواء ويشعر بالأمان تدريجيا .
وأضافت رضوان أن الخطورة في رفض الطفل للمدرسة تكمن في كيفية التعامل بالشكل الصحيح مع الطفل، وبطريقة لا تتسبب في تعزيز هذا السلوك. وعلى الأسرة أن تتحلى بالصبر مع الطفل لأن السنوات الأولى من عمرة والشهور الأولى من الدراسة يبنى عليها الكثير فيما بعد .