كان يقول....:
كيف سأكتب......؟
أجواء ملؤها الحزن و الجمال و الحب، مناظر خلابة تذهب بنا إلى عالم الغربة والوطن، هناك فقط بدأ يجهز للكتابة...... يتوقف للحظة، يستجمع أفكاره المشتتة المبعثرة على طاولة فكره الفضولي، أجل هناك...... بدأت عمليات الترتيب و التشذيب.... يعود ليمسك قلم الحبر الأسود، يوجه الورقة لتستقر أمامه بشكل مرتب، ينظر حوله باستغراب ......الأفكار تتراكب تريد الخروج من نفق الخيال.....تريد أن تخرج للحياة.....
يضغط على رأسه ، كأنه يريد حبسها، لا يريدها أن تخرج إلى عالمه. هل لأنه ضعيف....؟ ربما...! هذا ليس بالغريب.
نسمات الهواء تعيده إلى أدوات حياته ليبدأ بسرد شيء ما يفكر به، أو صورة جميلة يراها في عقله. إنه مجنون ...مهووس....مغفل....عبقري...، صفات تنطبق على الحالات التي يمر بها.
يريد أن يبدأ الكتابة بكلمة تفتح الباب لقدراته الكتابية بالظهور ، يبحث في حقيبة عقله الرومانسية ثم يبحث في درج الأحزان...ثم خزانة الحب ...يبحث عن الكلمات التي تستطيع أن تملأ الفراغ الذي يسيطر على داخله المجهول. يدور ...يدور في مكانه ثم يسقط تعب لا يعرف أي حقيبة آو خزانة أو دُرج يستخدم، إنه يمر بحالات غريبة تتسم بكل العبارات منها الرومانسي....منها الحزين و الجميل...فعلاً إنه شيء يثير الجنون..ماذا يفعل......؟
عليه أن يسند ظهره المنحني على الطاولة ...، يرجع رأسه إلى الخلف....، يتنفس الصعداء. لقد انسحب الآن من معركة الفكر، اعتزل القتال، يريد أن يسد باب الحروف التي تنساب كشلال متمرد من الكلمات دون أن تدرك النتيجة.
يسحب الورقة ليضعها في دفتر كان قد كتب عليه بعض الأفكار في لحظات جنونه ، لكن..... أوراق الدفتر ترفض استقبال ورقته الخاسرة، فهي فارغة لا تملك اسماً تعرِّف به عن نفسها....يحزن عليها ...لكن ماذا يفعل ، ما يزال حتى لحظة حزنه عليها عاجزاً عن تحديد موضوعه...إنه مشتت حزين ...إنه ممزق....
يبقي الورقة على الطاولة ..يستفيق من غيبوبته ...يذهب ثم يعود و معه أدوات الرسم، يضع الألوان و يبدأ بتلوين الورقة....يشبعها بالألوان حتى تنتفخ.....يمسك الورقة .....يوقعها أرضاً و هو يرتجف....لقد ظهرت كلمات ملونة على الورقة لم يكتبها...! كيف كيف؟
تنتصب الورقة قائلة: حتى وإن لم تستطع كتابة أفكارك... لكني صرت أعرفك...
هيا ضعني في دفترك... فأنا التي ستسيطر على باقي أوراقك..، أنا الوحيدة التي استطعت إجبارك على الكتابة بالألوان... بألوان أفكارك المتعددة المختلفة... المتشابكة.... الغريبة ....
هيا... هيا عليك أن تختار لي أفضل مكان في دفترك......
ينظر إليها و هو نصف مشلول: أنا لا أفهم، لا أعي ما تقولين. تضحك الورقة ثم تطير لتحط على دفتر أفكاره...تستقر فوقه..ثم تقول:
أنا قررت آن أكون خاتمة دفترك المجنون.... أتمنى منك عندما تفتح دفتراً آخر لتبدأ، أن تتذكرني....لأنك عندها سترتاح وستنساب كلماتك برقة لتتوضع على سطور دفترك الجديد.
R.HASAAN