الوجه الإيجابي لفيروس كورونا : انخفاض التلوث البيئي في العالم
يبدو أن سياسة ال?غلاق التام أو (الحجر الصحي الكلي) التي تتبعها كل بلدان العالم، للحد من انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، والذي حصد ما يزيد عن 120 ألف قتيل عبر العالم، فضلا عن عددالاصابات التي فاقت المليونين عبر العالم، وأثار هلعا عالميا علاوة على توجيهه ضربة مباشرة للاقتصاد العالمي.. كان لها على الجانب الآخر أثرا إيجابيا على الحياة الإنسانية.
يرى البعض أن هذه الضربة الاقتصادية تحمل طابعا إيجابيا لأنها تسببت في انخفاض النشاط الصناعي ما أسفر عن الحد من تلوث الهواء، وبالتالي إنقاذ آلاف الأرواح التي كانت تموت سنويا بفعل تلوث الهواء.
من جهة أخرى نشرت وكالة "ناسا" الأمريكية مقاطع فيديو تبين مدى انخفاض التلوث البيئي بالعديد من المدن الاقتصادية العالمية، فقد نقل موقع "نوتر بلانات. انفو" الفرنسي المتخصص بالبيئية، صورا لانخفاض غيمة التلوث التي كانت تغزو معظم المدن الفرنسية، وربط الموقع هذا الانخفاض بالحجر الصحي.
كما أكدت صور الأقمار الصناعية أن غيمة التلوث انخفضت مستوياتها بالعديد من الدول الأوربية على رأسها إيطاليا وفرنسا و المملكة المتحدة، في حين شهدت مدينة ميلانو انخفاضا ملحوظا في مستويات ثاني أوكسيد النيتروجين وبشكل تدريجي بعد دخول المدينة في حجر صحي شل حركة كل القطاعات الاقتصادية .
الولايات المتحدة الأمريكية هي الأخرى كانت ضمن الدول التي عرفت انخفاضا في مستوى التلوث، بنيويوك تراجعت مستويات التلوث فيها بنحو 50 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، كما شهدت انخفاضا مفاجئا في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تزامنا مع إغلاق المصانع وشبكات النقل والشركات .
وفي الصين انحسرت الانبعاثات بنسبة 25 في المائة في مطلع العام الحالي، منذ أن لزم الناس منازلهم وأغلقت المصانع، وتراجع استهلاك الفحم بنسبة 40 في المائة في ست من أكبر محطات الطاقة في الصين منذ الربع الأخير من عام 2019، إذ تحسنت جودة الهواء في 337 مدينة حول العالم بنسبة 11.4 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
تخوف علماء البيئة
ويحذر العلماء من عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ظهور فيروس كورونا، ما قد يؤدي لارتفاع نسب التلوث إلى مستوى أعلى مما كانت عليه من قبل، وذلك بسبب السعي لتعويض الخسائر التي تراكمت بسبب الإغلاق.
وتقول كيمبرلي نيكولاس، الباحثة في علوم الاستدامة بجامعة لاند في السويد نقلا عن " بي بي سي عربية، إن ثمة عوامل عديدة ساهمت في تخفيض الانبعاثات، على رأسها القيود المفروضة على حركة المواطنين لمنع انتشار الفيروس، إذ تسهم وسائل النقل وحدها بما يصل إلى 23 في المائة من الانبعاثات العالمية للكربون.
ويرى البعض الآخر أن تأثير وباء كورونا على البيئة لن يكون طويل الأمد كتأثير الأزمة العالمية السابقة، إذ انخفض الطلب على سبيل المثال على المنتجات النفطية والفولاذ وغيره من المعادن، لكن مخزون هذه المنتجات بلغ حدا غير مسبوق، وسرعان ما سيستعيد الإنتاج سرعته بعد انحسار الوباء.
توقعات ايجابية
وتوقع الباحثون في مركز أبحاث الطقس والبيئة الدولي في أوسلو انخفاض الانبعاثات العالمية في عام 2020 بنسبة 0.3 في المائة، وقد لا تعود إلى معدلاتها السابقة في حال ركزت جهود دفع عجلة النمو الاقتصادي على قطاعات الطاقة النظيفة، كما أن تغيرات سلوكيات الناس بسبب جائحة كورونا قد تساهم أيضا في الحد من انبعاثات الكربون.