القاهرة- بريق الدانة- ولاء الشنواني
الحب والمشاعر الالكترونية غيرت في شكل العلاقات العاطفية، وخاصة في عصر الانترنت و"الواتساب"، وأن مقولة " نظرة، فابتسامة، فموعد، فلقاء " المعبرة عن الشوق والحنين بين المحبين تحولت إلى موعد ثم موبايلات ورنات، وبيني وبينك ايميلات، بل إن هدايا الأعياد أصبحت تقتصر على زهور وقلوب الكترونية أو الاشتراك في لعبة الفلانتين أو تبادل رسائل العشق والغرام الجاهزة أما أوقات الخصام والهجر، فيسبقها بوست هاعملك ديليت أو بلوك على الحساب الالكتروني وموبايلي بدلاً من رجع جواباتى ..يؤيد البعض الحب الالكتروني ويرون أنه يدعم العلاقة بين الطرفين ويرى البعض الآخر أن الرومانسية لا يعوضها هذه التكنولوجيا التي جردت المحبين من مشاعر الاشتياق والحنين ..
يرى أحمد زهران متخصص في مجال الدعاية والإعلان أن الرسائل الالكترونية تدعم أواصر الصلة بين الحبيبين، ويقول فقد تعودت على إرسال عبارات الحب كل صباح لزوجتي متضمنة القلوب والهدايا الالكترونية التي تعبر عن مدى اهتمامي بها ، خاصة بعد وصولي العمل وحتى عودتي للمنزل ، بينما هي ترفض هذه الرسائل وتفضل الزهور والهدايا البسيطة التي تعتبرها كل امرأة هدايا الحب الثمينة ، ولكن مع ظروف الحياة ورتمها السريع فإن الوسائل الإلكترونية تعد هي الأنسب للتواصل المستمر ودون أي عناء.
ويوافقه الرأي سامح مسعد مرشد سياحي والذي التقى بحبيبته عبر برنامج "السكايب" بعد رؤيته لها بحفل بالنادي والذي كان يجمع الأصدقاء، قائلاً انتظرت شهرين قبل أن توافق على التعارف المباشر، وحالياً أفكر جدياً في الزواج منها بعد قصة حب سريعة ، فيبدو أن التكنولوجيا غيرت شكل الحب في عصر الانترنت و"الواتساب"، وأن مقولة "نظرة، فابتسامة، فموعد، فلقاء" تحولت إلى لقاء فموبايلات ورنات، وكل عصر وله آذان كما يقولون ففي الماضي كانت ظروف الحياة مختلفة، وهادئة والمشاعر كان التعبير عنها بالجوابات والزهور وأغاني عبد الحليم والسيدة أم كلثوم ،على عكس الوقت الحالي.
وتري صافي محمد أن الرسائل الالكترونية هي التي تقرب بينها وبين خطيبها الذي يعمل بالخارج، فوسيلة التواصل بينهما هي" الواتس "و"الفايبر" والشات وتقول كلما أرسل لي رسائل حب وزهور وقلوب كلما تأكدت من مدى انشغاله بي كما أنه يشاركني كل اللحظات الجميلة ،على النقيض في الماضي كانت الخطيبة تنتظر خطاب من حبيبها مرة كل عام بينما الآن الموضوع اختلف، وأنا أيضاً أبادله عبارات الغرام الالكترونية التي تساعده على تحمل الغربة وأرسل إليه باقات الزهور والقلوب الالكترونية فهي قصرت المسافات.
أما محمد السيد مهندس يرفض هذا اللون من الحب ويعتبره شقاوة قائلاً: تعرفت على أكثر من فتاة من خلال برامج التواصل الاجتماعي، لكن في كل الأحوال نعيش قصة حب قصيرة لتبدأ أخرى بخبرة جديدة ولا أشعر بمتعة لافتقاد صدق المشاعر وجمالها واقتصارها على الدردشة وتبادل بطاقات الكترونية جاهزة صممت خصيصاً لمناسبة عيد الحب، أبعد ما تكون عن المشاعر الحقيقية، لأنها معلبة جاهزة للاستهلاك من خلال "أيقونات " مثل "لايك" و"كومنت" و"شير"، والعلاقة تبدأ في عالم افتراضي ومع أشخاص ربما لا نعرف حتى أسماءهم الحقيقية أو أعمارهم أو بيئتهم وظروفهم الاجتماعية، ومن الممكن " أي فتاة توافق على مقابلتي وتدخل في علاقة معي في هذه الطريقة، ستقابل غيري بالطريقة نفسها بعد زواجنا ، وبالتالي حتى لو أحببتها لن أتزوجها ، فالحب أسمى من العلاقات والمشاعر الالكترونية.
وتضيف سها عصام سكرتيرة التكنولوجيا الحديثة ألغت خصوصية العلاقة بين الطرفين، كما أنها جعلت كل عاشق يقتحم خصوصية الآخر في كل الأوقات ، وهذا ما جعل أحد صديقاتي تفسخ خطوبتها لأن غيرة خطيبها تطورت من رفض حديثها مع الزملاء والتحكم في ملابسها وأوقات خروجها إلى التلصص على صفحتها الخاصة على الفيسبوك وتويتر والرد على موبايلها دون استئذان لمجرد الشك ، فمعظم العلاقات انتهت بصدمة أو فضيحة بعد الحب وتبادل الصور والرسائل ،فقد يستغل بعض المرضى وسائل الاتصال الحديثة في التباهي بإيقاع أكبر عدد من الفتيات ونشر خصوصياتهن على الملأ علاوة على حدوث حالات انتقام الكتروني بين أحبة لم تكتب لقصص حبهم النجاح ، قد تصل إلى التشهير بطرف من قبل الأخر.
وقال مصطفي توفيق طالب بكلية علوم، إن التقنيات الحديثة أدت إلى انعدام الزيارات بين الأهل والأصدقاء، وفرغت الحب من سحر وقيمة التواصل الإنساني العاطفي، فالموبايل يتيح لي الاتصال بمن أحبها ولكن المكالمة لا تعادل روح اللقاء بما فيه من الابتسامة والود المتبادل، فالعلاقات العاطفية كانت أعمق قبل هذه الشبكات بينما الآن أصبحت أكثر اللقاءات معتمدة على الرسائل أو الصور، فالحب أيام والدي كان فيها الذي الشاعر العاشق يمضي سنين عمره في نظم قصيدة تعبر عن مشاعره تجاه من يحب مثل أشعار عنتر في غزل عبلة، أما حديث الحب هذه الأيام نمازج مطبوعة.
وقالت ولاء عبد العزيز مدرسة لغة انكليزية أن الحب الالكتروني جعل المشاعر جافة، وهذا ناتجاً عن سهولة الاتصال واللقاءات السريعة مما جعل الحب سهلاً ورخيصاً وما يأتي سريعاً يذهب سريعا،ففي الماضي كان المحب يتعب كثيراً ليرى محبوبته أو يسمع صوتها أما الآن بنظرة إليها عبر أحد وسائل التواصل الاجتماعي يرى الشاب حبيبته بالصوت والصورة ، أو يراسلها من خلال رسالة في أقل من ثانية تصلها على "الواتس آب" ، بينما كان روميو ينتظر حبيبته جولييت تحت "البلكونة" لتحن عليه، وللتواصل الاجتماعي أهمية بالغة حيث إنّ لغتي الجسد والعيون مهمتان وتجعلان وصول المعلومة أسرع وأكثر وضوحاً وتأثيراً وتعزز العلاقة بين المتحدث والمستمع، فرغم أهمية الشبكات الاجتماعيّة لكنّها لا تلغي دور التواصل المباشر بل يجب ألا تطغى عليه، بل يجب أن تكون مكملة .
كما ترى سماح عبد الله طالبة بكلية تجارة أن التكنولوجيا يسرت العلاقات العاطفية ولكن لابد أن يسبق التعارف والحب الالكتروني تواصل عن قرب تفاديا للخداع والنصب أو التلصص على الخصوصيات، فالحب الديجيتال بلا طعم ولا روح ولا معنى بخلاف الحب الرومانسي أيام زمان عندما كان الحبيب يحضن المخدة ويتخيل ملامح المحبوبة وكذلك كانت الفتاة كل حلمها أن ترى العريس وتجلس معه في حضور الأهل وتنتظره تحت الشباك فكان الخيال يضفى جمالا وسحرا للحب .