صاحب عدة مبادرات ورجل أعمال حائز على عدة جوائز، وأخصائي نفسي وتنويم مغناطيسي ومؤسس مركز السور للعلاج والتقييمات الاحترافية، يؤمن بأن الفن أنجع سبيل للتأثير في الإنسان والمجتمع، وأن الشباب الكويتي يتمتع بالطاقة والحيوية والذكاء، ويحتاج إلى دعم. ضيف عددنا الدكتور نايف المطوع ...وحوار حول الإبداع والتميز والتفاؤل.
هناك الكثير من النقاط التي مكن أن تشكل بداية حوارنا معك، ولكن نريد أن نبدأ بمشروعي ال99 ومركز السور للاستشارات النفسية... ماذا يقدمان وماذا يميزهما عن باقي المراكز؟
أولا كان مشروع ال99 قفزة نوعية جاءت لتملء الفراغ الحاصل في ثقافة وإعلام الطفل العربي من جهة، ولتصحح المفاهيم الخاطئة عند الغرب حول الثقافة العربية والإسلامية من جهة أخرى. وبحمد الله تمكنا، من تحقيق نجاح منقظع النظير، خاصة بعد ما قمنا بتطوير ال99 ونقلناها من مستواها التحريري في القصص المصورة إلى المستوى المرئي على شكل رسوم متحركة. فعندما تلاحظ أن الإعلام الياباني أو الأمريكي يحرص على توفير مواد ثقافية وترفيهية موجهة للطفل، فإننا بالكاد نجد شيئا مقابلا في البلدان العربية، وهذا ما يخلق لاحقا مشاكل اجتماعية كبيرة. وعندما نقول الفراغ في إعلام وثقافة الطفل، فإننا نقصد غياب نماذج نفسية وفكرية وحتى ثقافية تساعد الطفل العربي على التمثل بها والاقتداء بها مبكرا، ليتفادى الاصطدام لاحقا بالفشل الذي سيدفعه للاقتداء بنماذج أفشل. لذلك جاءت فكرة استنباط قيم إنسانية من أسماء الله الحسنى وإخراجها بقالب قصصي موجه للأطفال. أما رؤية الغرب للعالم العربي والإسلامي، فهي الأخرى لم تنل ما فيه الكفاية من المبادرات لتصحيح الصورة الخاطئة لدى هذا الآخر المختلف عنا فكريا وثقافيا. وأعتقد أن مشروع ال99 كان ناجحا إلى أبعد الحدود في زعزعة وتصحيح الصورة النمطية السيئة حول المسلمين في العالم، بدليل التغطية التي خصصتها وسائل الإعلام الدولية لل99، وتقاطر الإشادات المختلفة وأقواها كانت إشادة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بال99، ناهيك عن حصولها على عدة جوائز وعلى رأسها جائزة الاقتصاد الإسلامية من فئة الإعلام من سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم دبي. أما أقوى التفاتة حصلت عليها ال99 فكانت من صاحب السمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي احتضن برعايته السامية العرض الأول لفيلم ال99 بلا حدود. أما مركز السور للعلاج والتقييم الاحترافيين، شخصيا، أرى أنه بشكل أو بآخر، تكملة لمشروع ال99. فإذا جاءات ال99 لتوضح لنا أن الإنسان يظل إنسانا بقيمه مهما كانت عقيدته الدينية، ويظل كذلك في مواجهته لشتى المشاكل والتحديات التي تصيب جميع البشر بدون استثناء، ويكون في قمة إنسانيته عندما ينجح في تحدياته ويبدع في إيجاد الحلول الملائمة لإشكالاته، فإن مركز السور جاء ليعطي لهذه القيم أبعادا واقعية، ويساعد كل من يطرق بابه في إيحاد حل لمشكلته. حقيقة الأمر، ما حفزنا زيادة على ذلك في للبدء في هذا المشروع، هو غياب تنظيم الممارسة في الكويت حسب المعايير الاحترافية الدولية. لذلك فإن ريادة مركز السور في تقديم الاستشارات النفسية في الكويت، ساهم ويساهم بشكل كبير في تنظيم هذه الممارسة، لدرجة أنه أصبح مرجعا على الصعيد الوطني فيها بمساعدته في تحسين الصحة العقلية والاجتماعية لساكنة الكويت.
من زاوية التحليل النفسي الخاص أو المجتمعي، كيف تصف نجاح عالم وفي المقابل رفض أو محاولة تشويه سلسلة الأبطال 99؟
يعتبر مشروع ال99 مبادرة فكرية وثقافية جاءت لتواجه وتتحدى منظومة من المشاكل العويصة التي تطال الجميع بدون استثناء. نفسيا، عندما ينجح المعالج النفسي في التحديد المباشر والصريح لطبيعة المشكل الذي يعاني منه الزبون أو المريض، فإن ردة الفعل الأولى المتوقعة من هذا الزبون أو المريض هي الرفض والإنكار. وتقاس حدة هذا الرفض بحدة المشكل نفسه. لذلك عندما نجد تيارات اجتماعية تدعو لتشويه سلسلة أبطال ال99، أو رفضها، فأنا شخصيا أعتبر ذلك مدحا وأمرا إيجابيا يدل على نجاح السلسلة في تحديد جوهر الإشكال الذي نشكو منه في ثقافتنا. صحيح أن هذا الرفض أخذ مسارات مخيفة أوصلتنا إلى المحاكم، لكن ثقتنا في نزاهة قضائنا، وثقتنا في صدقية رسالتنا ومجهودنا، أوصلتنا إلى بر الأمان. يقول المثل عندما تضرب من الخلف، فاعلم أنك في المقدمة، ولكي تكون في المقدمة وتكون مبدعا ومتميزا، فلا بد من ضريبة تدفع بشكل أو بآخر.
يشهد الواقع الذي نعيشه متغيرات كثيرة ما هي سبل التلاؤم مع تلك المتغيرات أو التغلب عليها لفرض واقع جديد؟
المشكلة لها طابع سلوكي وإدراكي، والمفتاح السحري لهذا السؤال هو المرونة والتكيف. السؤال واضح والجواب أوضح. لكن كيفية التحلي بهما هو عادة ما يختلف الناس في فهمه والتعامل معه قبل تطبيقه إما لصعوبة التحلي بالمرونة أو لقساوة الواقع المتغير نفسه. لذلك يأتي الدور الأساسي للاخصائي النفسي في تقريب المسافة التي تكون أحيانا شاسعة ما بين النقطتين. عندما تكون بعض الوقائع قاسية وغير قابلة للخضوع لسيطرتنا، ليس هناك أفضل من التعامل معها بإدراكنا وقناعتتنا، قد لا يكون هناك حل أمام عاصفة هوجاء أفضل من الانحناء إلى أن تمر. ومع ذلك، فلا يتعلق الأمر دائما بعواصف تتطلب الانحناء. الحياة مليئة بمواقف غاية في الصعوبة، وبالتحلي بالمرونة والتكيف، يمكن لنا أن نخرج بحلول في قمة الإبداع تجنبنا كل صعوبة للواقع. كيف ذلك؟ مرة أخرى هذا ما يقوم به الأخصائي النفسي، ومركز السور للعلاج والتقييم الاحترافيين.
ما هي إمكانية استثمار عالم برامج الكرتون أو الرسوم المتحركة للتأثير في المجتمع والتعريف بالقيم الإنسانية المشتركة عالميا؟
هذا ما كان يسعى إليه مشروع ال99. في الواقع فإن الفن هو أنجع سبيل للتأثير في الإنسان والمجتمع، وهذا ما نادى وينادي به أكثر من تيار فكري وفلسفي عالمي. لذلك فالاستثمار في برامج الكرتون كأعمال فنية يقلل من الفروقات الثقافية ويوحد القيم الإنسانية بين المجتمعات، تنتهي بنا لاكتشاف مفهوم "الخير" أو "الرحمة" أو "الكرم" عند المسلم هو نفسه وبذاته عند غير المسلم. وإذا أضفنا إلى ذلك أن الاستثمار في مثل هذه المشاريع الفنية، غالبا ما يكون مربحا اقتصاديا على المدى الطويل، فإن التأثير على الإنسان والمجتمع يكون إيجابيا ومزدوجا. مع ذلك تبقى المعضلة في العالم العربي، هي قلة الاستثمار في المواد الثقافية والترفيهية والفنية الموجهة للطفل.
تلقيت العديد من التكريمات حول العالم، ماذا يعني لك ذلك؟
أولا أعتبر التكريمات التي حصلت عليها تكريما للكويت، ثانيا التكريم هو شهادة إثبات على صدقية الأفكار والمبادرات التي اشتغلت عليها منذ أكثر من 10 سنوات، والأهم من ذلك يظل التكريم هو تلك الالتفاتة الرمزية ذات المعني التشجيعي العميق من طرف الجهة المانحة له، في حق أصحاب المبادرات الإبداعية عبر العالم، لمواصلة جهدهم وإبداعهم في المساهمة بالنهوض بمشاريعهم الفنية والثقافية والاجتماعية رغم الصعوبات الذاتية أو الموضوعية التي قد يلاقونها.
تم اختيارك ضمن شخصيات مجموعة ثمين الكويت، ماذا تقول في ذلك؟
هذا أحد أنواع التكريم الذي ذكرته قبل قليل. طبعا فقد أسعدني اختياري ضمن شخصيات مجموعة ثمين الكويت، وأنا بدوري أقدر كثيرا مثل هذه المبادرات، التي تزيد من تشجيع المبدعين في التزامهم الاجتماعي والثقافي. وأتوجه بالشكر الجزيل والامتنان العميق لكل من سهر على إنجاح هذه المبادرة.
ماذا عن الجديد للمستقبل لدى الدكتور نايف؟ هل هناك مشاريع أو برامج مستقبلية تعمل عليها؟
أنا منكب حاليا على مشروع روائي موجه للشباب اليافعين سيرى النور عما قريب. لكن الجهد الأكبر مازال يذهب في الوقت الحالي لتطوير مركز السور ليشمل خدمات وبرامج أخرى مثل خدمات التنويم المغناطيسي وبرامج تقوية تركيز الأطفال، تطلبت أكثر من 300 ساعة من التداريب والدراسات المكثفة في كل من سويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة، توازيها أكثر من 300 ساعة أخرى من التدريس المستمر في كلية الطب بجامعة الكويت.
كيف ترى الشباب الكويتي اليوم وفقا لتسارع الحياة ومتطلباتها وتطورها ومذا تقول لهم؟
الشباب الكويتي يتمتع بالطاقة والحيوية والذكاء، لا أقول أنه يحتاج إلى التوجيه، فذكاؤه يعفيه من هذه الخاصية، لكنه بالتأكيد بحاجة لدعم وتوفير إمكانيات مادية ومعنوية ليصل إلى تحقيق أقصى طاقته.
لو أردت أن توجه لهم (للشباب) كلمة أو نصيحة، ماذا يمكن أن تقول؟
النجاح يحتاج إلى مثابرة، والمثابرة إبداع، وأرى أن فيكم الخير والبركة لتنجحوا بكل إبداع